تضامن غير مسبوقة داخل الوسط الرياضي الفرنسي مع الصحافي كريستوف غليز المُعتقل في الجزائر

 تضامن غير مسبوقة داخل الوسط الرياضي الفرنسي مع الصحافي كريستوف غليز المُعتقل في الجزائر
الصحيفة - خولة اجعيفري
الأحد 21 دجنبر 2025 - 9:00

بعد أكثر من نصف شهر على الحكم الصادر في حقه، لا يزال اسم كريستوف غليز يتردّد بقوة في الفضاءين الرياضي والإعلامي بفرنسا، بوصفه عنوانا لقضية تتجاوز شخص صحافي رياضي إلى سؤال أعمق حول حرية الصحافة وحدود العمل المهني خارج الحدود الأوروبية.

إدانة الصحافي بالسجن سبع سنوات في الجزائر بتهمة "تمجيد الإرهاب" لم تُقابل بالصمت أو الفتور، بل أطلقت دينامية تضامن غير مسبوقة داخل الوسط الرياضي الفرنسي، في مشهد نادر تتقاطع فيه كرة القدم مع الدفاع عن الحريات العامة، فبعد ثلاثة أيام فقط من تعليق صورة الصحافي على واجهة مقر الاتحاد الفرنسي لكرة القدم، عاد الاتحاد ليجدد وبنبرة أكثر وضوحا، مطلب الإفراج عنه.

خطوة لم تكن معزولة أو رمزية، بل جاءت ضمن مسار تصاعدي من التعبئة اختار هذه المرة أن ينزل إلى قلب الملاعب حيث تتحول الرسائل إلى صوت جماعي.

ففي نهاية أسبوع الدور الثاني والثلاثين من كأس فرنسا، لم يكن الجمهور الفرنسي على موعد فقط مع المباريات، بل أيضا مع نداءات تُبث عبر مكبرات الصوت يُذكر فيها اسم كريستوف غليز في جميع الملاعب الفرنسية، في محاولة لجعل القضية حاضرة في وعي جمهور يتجاوز بكثير حدود النخب الإعلامية والحقوقية.

هذا الحضور داخل الفضاء الرياضي استهل منذ صدور الحكم، حيث حافظ الاتحاد الفرنسي لكرة القدم على دعم وصفه مقربون بـ'' غير القابل للتراجع'' معتبرا أن المسألة تمس أحد القيم المؤسسة للرياضة الفرنسية وهي حرية التعبير وحماية الصحافيين.

وتحولت واجهة مقر الاتحاد إلى لوحة احتجاج صامتة، عُلّقت عليها صورة غليز مرفقة بوسم «#FreeGleizes» ورمز استجابة سريعة يحيل إلى عريضة وقّعها، إلى حدود الآن، أكثر من 25 ألف شخص، في مؤشر على اتساع دائرة التضامن خارج الوسط المهني الضيق.

في هذا السياق، لعبت منظمة مراسلون بلا حدود دورا محوريا في نقل القضية من مستوى التضامن الرمزي إلى الفعل المنظم فقد أعلن مديرها العام تنظيم أمسية تضامنية يوم 29 يناير على الساعة الثامنة مساء في قاعة باتاكلان بباريس، وهو اختيار لا يخلو من حمولة رمزية في الذاكرة الفرنسية، حيث يُستعاد معنى الدفاع عن الحريات في فضاء ارتبط سابقا بالعنف واستهداف القيم المدنية.

التعبئة لم تقتصر على المنظمات الحقوقية، بل امتدت إلى أعلى هرم التسيير الرياضي فقد احتضن مقر الاتحاد اجتماع لجنة دعم الصحافي العامل في مجلة "سو فوت" برئاسة رئيس الاتحاد الفرنسي لكرة القدم فيليب ديالو وبحضور أميلي أوديا-كاستيرا، رئيسة اللجنة الوطنية الأولمبية والرياضية الفرنسية، التي أعلنت بدورها عن قرار تعليق صورة كريستوف غليز على واجهة مقر اللجنة، في خطوة تعكس انتقال القضية من مجال كرة القدم إلى الفضاء الرياضي الفرنسي بمختلف مكوناته.

وفي تصريح خلال الاجتماع، شدد ديالو على أن "الدفاع عن كريستوف غليز هو دفاع قبل كل شيء عن إنسان، عن صحافي أُدين ظلما لأنه توجه إلى الجزائر وحاول ممارسة مهنته" وهي عبارة تختزل جوهر الموقف الذي تتبناه المؤسسات الرياضية الفرنسية في رفض تحويل العمل الصحافي إلى جريمة، ورفض محاكمة النوايا بدل الأفعال.

على الضفة الأخرى من المتوسط، تلتزم السلطات في الجزائر صمتا رسميا، مكتفية بالإطار القضائي للحكم في وقت يتزايد فيه الضغط الحقوقي والإعلامي الدولي فالقضية كما يراها متابعون، لم تعد شأنا ثنائيا بين دولة وصحافي أجنبي بل باتت اختبارا جديدا لصورة الجزائر في ما يتعلق بحرية الصحافة، خاصة في سياق إقليمي يشهد تضييقا متناميا على الإعلام المستقل.

بهذا المعنى، يتحول اسم كريستوف غليز إلى رمز مزدوج لصحافي رياضي وجد نفسه في قلب معركة قضائية ذات أبعاد سياسية، ورمز لتعبئة غير مألوفة داخل المجتمع الفرنسي حيث تتقدم كرة القدم، بما لها من جماهيرية وتأثير صفوف الدفاع عن حرية الصحافة ومع كل مباراة يُنادى فيها باسمه تتكرس فكرة أن الصمت لم يعد خيارا وأن الملاعب قد تتحول في لحظات مفصلية إلى منابر سياسية حين تُهدد إحدى القيم الأساسية للديمقراطية.

القفطان.. وأزمة الهوية عند الجزائريين

طُويت معركة أخرى أرادت الجزائر أن تخوضها ضد المغرب، وهذه المرة ليس في مجلس الأمن بخصوص قضية الصحراء، بل داخل أروقة منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة "يونسكو"، التي تعقد ...

استطلاع رأي

مع قُرب انطلاق نهائيات كأس إفريقيا للأمم "المغرب2025".. من تتوقع أن يفوز باللقب من منتخبات شمال إفريقيا؟

Loading...